شبهة نصرانية أن في القرآن أخطاء نحوية ... كيف نرد عليها؟

 

السؤال:

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فضيلة الشيخ حامد العلي, كيف نرد على هذه الشبهة النصرانية, و هذا ما قاله إحدى النصارى:


فى سورة المائدة: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخِر وعمل صالحا فلا خوفُ عليهم ولا هم يحزنون"

التساؤل:

- الصابؤن هنا: اسم مرفوع بالواو والنون، في حين أنه يجب أن يكون منصوبا بالياء والنون، "أي الصابئين"، لأنه معطوف عل منصوب لكونه إسم إن، ومما يزيد المشكلة تعقيدا أنه ورد كذلك منصوبا صحيحا في سورة البقرة. فقد وردت نفس الآية وفيها الصابئين منصوبة: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخِر وعمل صالحا فلهم أجرُهم عند ربهم فلا خوفُ عليهم ولا هم يحزنون". قالت السيدة عائشة أم المؤمنين عندما سئلت عن ذلك "يا ابن أختي، هذا من عمل الكتاب، أخطأوا في الكتاب" (السجستاني: كتاب المصاحف ص43)
------------

نصب الفاعل : لاينال عهدى الظالمين (سورة البقرة2: 124) "قال لا ينالُ عهدي الظالمين"

التساؤل:

- "الظالمين" كان يجب أن تكون "الظالمون" فهي جمع مذكر سالم مرفوع بالواو والنون لأنه فاعل الفعل "ينال". فكيف جاءت منصوبة بالياء والنون؟؟؟!!! وقد حاول المفسرون تعليل ذلك بطرق غير مقنعة لأنها تلوى الحقائق، فمثلا قال الإمام النسفي: معنى الآية أنه "لا يصيب عهدي أي الإمامة أهلَ الظلم" فجعل "عهدي" فاعل، لتكون الظالمين هي المفعول المنصوب بالياء والنون. ونسي الإمام العظيم أن فعل "ينال" (كما جاء في المعجم الوسيط معناه أن الإنسان هو الذي ينال الشيء، إذ يقول [نال الشيء أي حصل عليه جز2 ص964] وليس الشيء هو الذي ينال الإنسان!!!! فمثلا لا يمكن أن نقول: "نالت الجائزةُ المجتهدين"! بل الصحيح أن نقول: "نال المجتهدون الجائزة" فكيف أن العهد وهو شيء هو الذي ينال الظالم وهو إنسان. هذا كلام غير مقنع، ونحن نريد أن نفهم رداً منطقياً مقنعاً.
---------------

ـ هذا من جانب اللغة ولكن هناك أيضا تساؤل ديني بخصوص الصابئين أنفسهم. فكيف يقول القرآن أن: لهم أجرهم عند ربهم ولا خوفُ عليهم ولا هم يحزنون. وهم قوم خارجون عن الأديان ويعبدون الملائكة كما ذكر الإمام النسفي قائلا: [الصابئون: من "صبأ" إذا خرج من الدين، وهم قوم خرجوا من دين اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة] (تفسير النسفي الجزء الأول ص 95)وقد جاء عنهم في المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية: [الصابئون: قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنهم على ملة نوح، وقبلتهم مهب الشمال عند منتصف النهار] (المعجم الوسيط الجزء الأول ص 505) عجبا إذ يقول القرآن الكريم: لا خوف عليهم ولا هم يحزنون!!!
----------------


أرجو منك يا شيخ الرد على كل هذه الشبهات, و الله يجزاك بالخير

**********************


جواب الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نقول لهذا النصراني ، إن هذه شبهة غبية ، لانه هب ـ وحاشا لله ـ أن محمدا صلى الله عليه وسلم وضع القرآن من عند نفسه ، ألم يكن عربيا ؟ فهل كان يحتاج إلى معلم نحو لئلا يخطىء في النحو!! بل كان صلى الله عليه وسلم يتكلم العربية بالسليقة ، فهو خير العرب نسبا ، وأعربهم لسانا ، ولهذا لم يكن يعترض أحد من كفار قريش مثل هذا الاعتراض عليه ، لانه ببساطة لايمكن أن يخطىء في اللغة العربية ، ولعل هذا المعترض لم يعلم أن قواعد النحو أصلا أخذت من ألفاظ القرآن قبل غيره ـ
--------------------------------
وأما الجواب على كون (الصابئون) مرفوعة ، وهي معطوفة على منصوبات ، فهذا مذهب للعــــــرب في كلامها معروف ، على أن ( الصابئون ) ـ مرفوع على الابتداء ،وخبره محذوف ، ويكون المعنى على هذا الاعراب : ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كيت وكيت ، والصابئون كذلك ـ
--------------------------
وأما ما نقله عن عائشة في كتاب المصاحف فلا يصح ، وأما في سورة البقرة فعلى الوجه الثاني من الاعراب ، وكلاهما صحيح
--------
وأمـا قوله ( لاينالي عهد الظالمين ) ـ فهذا الاعتراض أغبى من سابقه ، فكما يرد عليه أيضا بأن محمدا صلى الله عليه وسلم عربي ، ولو أخطــأ في أي شيء فلن يخطىء في لسانه ، وإن أخطأ في لسانه ـ حاشاه صلى الله عليه وسلم وقد أوتي جوامع الكلم لكن على سبيل فرض المستحيل ـ ، فلن يجهل رفع الفاعل ، ونصب المفعول ، ليعرف ذلك نصراني حاقد جاء في القرن الرابع عشر !! فما أغبى هذا الاعتراض ؟!! وكذلك يرد على هذا النصراني المشرك : بأن (الظالمين) مفعول به ، والعهد هو الذي ينالهم كما تقول ( لن تنال مكافأتي زيدا ) و ( لن ينال فضلي عمرا ) ونحو ذلك ـ
وفائدة جعل عهد الله هو الذي ينال غير الظالمين ، ولاينال الظالمين ، الاشارة إلى رجوع الفضل بذلك إلى الله تعالى ، وأنه هو الذي يتفضل على عباده بما شاء ، فيمنع الظالمين فضله ، ويؤتيه غيرهم ، وهذا هو سر قوله : ( عهدي ) فاضافه إليه ، فتدبر ذلك
---------------
أما زعمه أن الصابئين كانوا يعبدون الملائكة ، فالنصارى أيضا تعبد الملائكة ، وتعبد المسيح عليه السلام ، وتعبد أمه الصديقة مريم عليها السلام ، ويعبدون أحبارهم ورهبانهم لما أنزلوهم في التشريع منزل الله تعالى ، فيحلون ما حرم الله ، ويحرمون ما أحل الله ، واليهود مثلهم يعبدون أحبارهم ورهبانهم ، ويعبدون عزيرا مع الله كما أخبر الله تعالى في سورة التوبة والمائدة والنساء وغيرها ، ومع ذلك فالاية تقول ( من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا ) ، فهي تخبر عن أهل الايمان من هذه الطوائـــف ، أي كل من آمـن بنيه في وقته وعمل صالحا يكون ناجيا يوم القيامة ، والصابئون فرقة من أهل الكتاب ولم يكونوا يعبدون غير الله في أول أمرهم ، وإن كان قد طرأ عليهم الشرك بعد ذلك ، كمــا طرأ على اليهود والنصارى بعدما حرفوا كتبهم ، فهذا هو معنى الاية ، معناها أن كل من آمن في زمانه بما أمر الله أن يؤمن به على لسانه رسله فلا خوف عليه، أما من آشرك وخالف ما جاءت به الانبياء ، فلايكون ناجيا ، كما حدث لليهود والنصاري وا لصابئين وغيرهم من أتباع الانبياء الذين أشركوا وحرفوا ما جاءتهم به أنبياؤهم . ومعلوم أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو رسول الزمــان من بعثته إلى قيام الساعة ، لايقبل الله من أحد دينا إلا أن يتبع محمدا صلى الله عليه وسلم ويدخل في دينه ، ومن لم يفعل ذلك فهو مكذب لمحمد صلى الله عليه وسلم في رسالته التي أخبر بها أنه رسول الله إلى البشر كافة إلى قيام الساعة ، ومن كذب بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فهو كافر ، ومن كذب بنبي واحد فكأنما كذب بجميع الانبياء ، فهو كافــــــر والله أعلـــم

الكاتب: سائل
التاريخ: 13/12/2006