تفريــغ خطبة عيد الفطر عام 1432هـم

 

تفــريـغ
خطبة عيد الفطر عام 1432هـ
عيد الثورة ، وأفـراح الثائـرين
 
الحمد لله كثيراً ، والله اكبر كبيراً ، وسبحان الله بكرة ، وأصيلا .
الله اكبر ، الله اكبر ،  لا إله إلا الله ، والله اكبر ،  الله اكبر ، ولله الحمد 
 
 الله أكبر ، ولله الحمد عدد خلقه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته ، ورضا نفسه ،  
 
والله أكبر ، ولله الحمد على تحطيمه عروش الطغيان  ، وإنتصاره لأهل الإيمان ، وتخليصه الأمـّة المحمديّة من حكم الطواغيت أعوان الشيطان ، فمنهم من هلك ، ومنهم من بإنتظار الذلّ ، والهوان .
 
 وأشهد أن لا إله إلاّ الله الواحد القهّار ، يؤتي الملك من يشاء ، وينزع الملك ممن يشاء ، ويعـزُّ من يشاء ، ويذلُّ من يشاء وهـو العزيز الغفـّار ، بيده الأمر كلُّه ، وإليه يرجع الأمـرُ كلُّه ، علانيته ، وسـرُّه ، وهو المنتقـم من كلِّ متكبـِّر جبـّار .
 
وأشهد أنَّ محمداً عبدُهُ ، ورسولُه ، النبيُّ المصطفى على العالميـن ، اللّهمّ صلّ وسلّم عليه ، وعلى رفيقِه أبي بكر خيـرِ الأولين والآخرين حاشا الأنبياء ، والمرسلين ، وعلى عمر مزلزل عروش المتجبّريـن ، وعلى عثمان شهيدِ أمـّة الموحـدِّين ، وعلى عليّ المبشَّر بالقرار في دار المتقـين ، وعلى جميع الآل ، والصّحب الغـُرِّ المياميـن ، ومن سار على نهجـهم إلى يوم الدين .
 
الله أكبر ،  الله اكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد
 
الله اكبر ، ولله الحمد ، الحمد لله الذي علَّمنا سُنـَن الهدى والرشاد ، بإصلاح الأرض بالصلاة ، والصيام ، كما أمرنا بمحاربة الظلم ، لإقامة العدل بين العباد ، ونشـر الخير في البـلاد .

الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة ، وأصيلا
 
الله أكبر ،  الله أكبر ،  لا إله إلا الله ، والله اكبر ،  الله اكبر،  ولله الحمد .
 
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبفضله تُؤتى الدرجات ، وبنعمته تُبدّل السيئات حسنات ، وبعدله يـُردُّ البغي على البغـاة ، وببطشه ينـزلُ بأسه الشديد على الطغـاة ، على يد الأحـرار الأبـاة.
 
أيّتـها الأمَّة العظيمة التي قال الله تعالى عنها : ( كنتم خير أمـّة أخرجت للناس ) ، وقال عنها النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( أنتم موفون سبعيـنَ أمـّة أنتم خيرها ، وأكرمها على الله تعالى ) رواه الترمذي وغيره ،
 
وقال رسول الله صلى الله وسلـم : ( أعطيت ما لم يُعـط أحد من الأنبياء ، فقلنا : يا رسول الله ما هو ؟ قال : نصرت بالرعب ، وأعطيت مفاتيح الأرض ، وسميت أحمد ، وجعل التراب لي طهوراً ، وجعلت أمّتـي خيرالأمم ) أخرجه الإمام أحمد وغيره ، وقال : ( أنتم شهداءُ الله في الأرض ، والملائكة شهداء الله في السماء ) رواه الطبرانـي.
 
أيتها الأمة الإسلامية المجيـدة ، تحيـَّةٌ لك في عيـدك العظيم ، عيد الثـوار ، وأفـراح الثائـرين ،
 
تحيـّةٌ لشعب مصرَ العظيـم ، ولمصر المعلّمة الكبيرة ، وتحيّـةٌ لشعب تونس مِشـْعلِ نهضِـتنا الوضَّـاء ، وتحيـّةٌ لأحـفاد عمر المختار في ليبيا على تضحياتهم العظيمة ، وجهادهم الذي تكـلّل بإقتحـام وكر الطاغية القذافـي حتى فـرّ هاربا مثل الفأر المذعـور ، وتحيّـةٌ لشعب اليـمن ، معدن العروبة ، وينـبوع الأصالة ، وإرض الحكـمة ، والإيـمان .
 
وتحيـَّةٌ خاصّة معطَّـرة بعـبق الشَّـمم ، مُتوَّجَـة بتاج أرقى الهـِمم ، لشعب الشـام ، شام الإسلام ، شام العـزّة ، والكرامة ، شام الحريـّة ، والقيـم ، هذا الشعـب الذي يسطـِّر بدمـاء أبنائه أروع روايـات المجـد المثاليـّة ، ويخـطُّ أبهـى عناويـن الإنجازات الحضاريـة .
 
وتحيـّة لكلّ الشعـوب الإسلاميّة التي تُعـدّ العـدَّة لتلحـق بركب الثـورة العربيـة الكبـرى من الخليـج إلى المحيــط .
 
يا أمـّة المجد هذا المجدُ يأتينـا
                                يعيـدُ للأمِّـةِ الغـرَّاءِ ماضينا
لنصنعَ العزَّ في الأوطانِ في همَمٍ
                                بثـورةٍ بمـثالٍ مـن أوالينـا
قُمنا فلمْ نخشَ من طاغٍ يهدِّدُنا
                               نثورُ للعدل ، والإسـلامُ هادينا
فرعونُ مصرَ وشيطانٌ بتونِسنـا
                             وكلبُ (لـِبْيـَا) طحنَّاهم بأيدينا
وجائرُ الشامِ موعودٌ بمصرعِهِ
                              وكـلُّ طاغٍ ، سيأتي دورُهُ حيـنا
نحن النبوَّةُ فينـا ختمُ خاتمَِهـا
                                 غـرُّ محجَّـلةٌ منـَّا نواصِيـنا
إذا طغا الظلمُ لم تهدأ صوارمُنا
                                  حتى يزولَ ، ولا يبْقى بنادِيـنا
 
فتحيـةٌ لك أيتها الأمّة العظيـمة على هذا الإنجاز العظيم ، وحـُقَّ لكِ هذا العـام المبارك ، أن تحتفلي بعـيد الفطر ، هذا العيد الذي أشـرق على أمِّـتنا ، وقد وضعت قدمها على طريق النهضـة الأقـرب ، ويمـَّمَت وجهها شطـر سبيل العـزِّة الأصـوب ، ووجَّهـت سيرها نحـو مهيـع الكرامـةِ الأرْحـب .
 
بأن فقِهـت قوله تعالى : ( ولا تهونوا ولا تحـزنوا وأنتـم الأعـلون إنْ كنتم مؤمنين ) ، وقوله تعالى : ( فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ، وما ضعفوا ، وما استكانوا ) ، وقوله تعالى : ( لاتركنوا إلى الذين ظلموا فتمسَّكـم النار ، وما لكم من دون الله من أوليـاء ، ثم لاتنصرون ) وقوله تعالى : ( وجاهدوا في الله حق جهاده ) : وقوله تعالى ( وجاهدهـم به جهادا كبيرا ) .
.
بـلْ فقهـت أنَّ القرآن كلـَّه من أوله إلى آخـره ، جهادُ الطغيـان ، وحكـاية مصرعهم على يد الرسل ، وجنـد الإيمان ، وأنَّ هذا هو ملخص رسالة الرسل ، وغايـة بعـثة الأنبيـاء بخيـر المُثـُل.
.
وأنّ القرآن إنـما نـزل ليخلص العبـاد من إستعباد الطغاة لهم ، ليكونوا أحراراً لايعبدون إلاَّ الله تعالى وحده .
.
 فليت شعري أيُّ عمل أفضل من خلاصة وحي السماء ، وأيُّ رسالة أرقى من عمل الرسل والأنبياء ، وأيُّ وظيفة أعلى من وظيفة المجاهدين الشرفاء ، والأئمة الخلـفاء ،
.
 
كما فقهـت قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( إنها تخلف مـن بعدهم خلوف ، يقولون مالا يفعلون ، ويفعلون مالا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل ) رواه مسلم. 
.
وقوله صلّى الله عليه وسلم : : ( إنَّ الناس إذا رأوْا الظالم فلم يأخذوا على يديه ، أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه ) رواه أحمد ، وأصحاب السنن ، فقامت بما يجـب عليها من قطع دابر الطغاة ، وجهاد المستكبرين العتاة .
.
نعم لقد صحَّ في الأحاديث ما حاصله :  أن لاتعالجوا ظلـم السلطة بغيـر ما يعقب العدل ، والإصلاح ، ويحفظ وحدة الأمة ، لا بما يأتي بضد ذلك ، ثـمَّ لا يزول به الظلـم ، فأخذ أعوان الظلمة ، ومفتو ( الشبِّيـحة ) والإستخبارات ، ومشايخ البلطجيـّة يضعون هذه الأحاديث في غير موضعها ، فأنزلوها على من أقاموا أنظمتهم على تفريق الأمة ، وضرب وحدتها ، وتقويض قوتها ، وإفساد دينها ودنياها ، إرضـاءً لشهوات الطغاة ، وتنفيـذا لأوامـر أوكار الطغيان ، وإبقـاء للأمة في تفرقها ، وهوانها ، وذلهِّا ، وخضوعها للأجنبيّ ، يسلب ثرواتها ، ويستلب إرادتها ، وينهـب مقدراتها ، ويسخـرها لأطماع الغرب المتصهيـن !
 
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبـر ، لا إله إلا الله ،
الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد
 
أيتها الأمّة الإسلاميّة العظيمـة ، إنَّنـا عندما ندعو شعوبنا الأبية ، أن تكمـل مسيرة ثوراتها المباركة ، إلى أن تحـقّق التحـوُّل الحضاري الأعظـم في عصرها الحديث ، فلسنا ندعوها إلى ذلك ، ولا نحرضها على تحمـُّل كـلِّ هذه التضحيات التي تقدمـها ، من أجل مظالم لايكاد يسلم منها نظام ، ولا تقصيـر لاينجو منه حكم مهما استقام ، كـلاّ وألـف كلاّ .
 
بل إنهـا تثور لتكسـرَ قيود الذلِّ الذي إذا ضرب على أمة تسلطت عليها الأمـم فمحـت حضارتها ، ولتحطـمّ أغـلال الهوان الذي إذا اتصفت به أمّـةٌ ، تحكَّـم فيها أعداؤها حتى يجتالوهـا عن دينهـا .
 
إنها تثور لتنال الكرامة التي لا تنزع من أمِّـة إلاّ ومُـرِّغ أنفها في الرغـام ،
 
إنهـا تثور لئلا تموت جوعا ، وأموال الأمة تسيـِّر جيوش الصليب ، وتنفق على معسكراته ، وقواعده المحتـلَّة بلاد المسلمين !
 
إنها تثور لئـلاّ تهلك من الفقر ، والمرض ، والهجرة إلى المجهول ، وتغرق في مستنقعات الجهل ، و التخـلـُّف ، بينما ثروات الأمة تبـدَّد في أسواق الغرب ، ولإنقاذ إقتصاده ، ولتنفيذ مخططاته في بلادنا ، ولحماية الكيان الصهيوني ، ولتشديد الحصار على غـزّة ، ومحاربة المقاومة الشريفة التي تنشـد تحرير فلسطيننا الحبيبة
 
إنهـا تثور لتنقـذ هذه الشعوب من الحياة البائسة تحت ظل قمع البوليس السري ، وتحكمه في حياة الشعوب ، بالخوف المهيـن الذي هدفه أن يحطّـم عزة نفس المسـلم ، ويحوّله إلى بهيمة تقـاد بلا هـدف لها في الحيـاة ، سوى أن تسلم من عصا الجـلاد ، وتنال حصتها من الشعيـر !
 
إنها تثـور حتى لاتتحول إلى قطعان ، ليس لها هـدف سـوى إرضاء نزوات الزعيم المستبـد الجاثم على صدر الشعـب ، وأولاده ، وعائلتـه ، يتصوَّر أنه يملك هذه الأمـّة ، ولـه حقُّ توريثـها لأولاده ، ثم يفعل بها ما يشـاء .
 
إنهـا تثور لتوقف إنحدارها إلى الهاوية التي يسوقها إليه زعماؤها الطغـاة ، ولتضع حـدّاً لتحولـها إلى حضارة بلا هـويّة ، وإلى أمـّة بلا هدف ، وإلى شعوبٍ بلا غاية ، وإلى مواطنين بلا وطـن ، بـل إلى بشـر بلا بشـرية .
 
من أجـل هذا تثور هذه الأمـَّة اليوم ، وحُـقَّ لها أن تثـور ، ومباركةٌ من الله ثورتـها ، إذ كانت هي الجهاد في سبيل الله تعالى ، والله تعالى يبارك الجهـاد ، ويمـدُّه بمددٍ من عنـده ، ألم تـروا كيف تزلزلت بهذه الثورات عروش الطغيان ، وحطم الله تعالى بها قصـور الظلـم ، والبغي ، والعدوان ، بأن قذف الله تعالى في قلـوب هذه الأمـة العزيمة التي لاتكـلّ ، والصبـر الذي لايعـيى ولايمـلّ .
 
الله أكبر الله أكبر الله أكبـر ، ولله الحمد
 
أيها الأمة الإسلامية العظيـمة ، ليكن شعارنا إلى عيدنا القادم :
 
لتستمـر الثورة في جميع بـلادنا حتى نحـقق الأهـداف التالية :
 
1 ـ إقامة الحكم الرشيد في بلادنا ، الذي تعيش فيه الشعوب غنيةً ، عزيـزةً ، كريمـةً ، لايتحكم فيها مستبد ، ولايتوارث شعوبها أحـد ، ولاتعرف الخوف من النظام ، بل هي تضعه بنفسها ليحقق آمالها ، وتغيـره بنفسها إذا خان أهداف الأمـة.
 
2ـ تستـرد جميع حقوقها المسلوبة وعلى رأسها فلسطين الحبيبة .
 
3ـ تتخلص من ربقة القيود الغربية التي فرضت عليها عقوداً عبـر أنظمة حكم فاسدة ، صُنـعت لهذا الهـدف الخسيس ، وتتحـرَّر من كلّ أشكال الإستعمار الجديد الخارجي ، كما تتخلص من الإستبداد الداخلي .
 
ولنسخـّر كلِّ طاقـاتنا لنحقق هذه الأهـداف الحضارية العظمـى لأمـتنا .
 
ولنتذكـر أنَّ هذا هو أعظـم العمل الصالح ، الذي به صـرنا خيـر أمّـة ، إذ هو الجهاد المتربـع على ذروة سنام الإسـلام ، ألـم تروا ما رواه النسائي عن طارق بن شهاب البجلي،  أنَّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم _ وقد وضع رجله في الغرز _  .. أي الجهاد أفضل ؟ قال : ( كلمة حق عند سلطان جائر ) ، وعن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (سيد الشهداء حمزة ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتلـه ) رواه الحاكم ، والضياء في المختارة
 
فليشارك كلِّ منا في نهضة الأمـّة ، فإنـّه من خير أعمالكم الصالحة ، وأفضـل قرباتكـم إلى ربـكم ، وأزكاها عنده سبحانه ، إذ في نهضتها ، عـزّها ، وإعـلاء كلمتها ، وحماية دينها ، وإستعـلائها بحضارتها ، وكرامة شعوبـها ، ورفعـة شأنـها .
 
هي العماد الذي يحمي حضارَتنا ** ويجعل الشَّعـبَ مرفوعاً ومحتـرماً
شعباً إذا ثار قام العدلُ يتبعُهُ ** وصيـَّرَ الظلْـمَ مكسوراً ومنهزمـاً
 
الله أكبـر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبـر الله أكبر لا إله إلا الله
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
 
 
أيها الإخوة المؤمنون ، والأخوات المؤمنات ،  إنَّ العبادة إنما هي الشكر ، وإنَّ شكر نعمة الله تعالى بهذا الدين ، هي أن نعمل به في كّـل مناحي حياتنا : في أنفسنا ، وفي أهلنا ، وأوطاننا ، وأنظمتنا السياسية ، ونظم الحكم ، وحياتنا الإجتماعية ، وعلاقاتنا  بغيرنا من الأمـم.
 
 وأن نجاهد في سبيل عـزّته ، لنعيد إلى أمتنا وحدتها المفقودة ، وخلافتها المنشودة ، والحكم بشريعتها العظيمة المحمـودة .
 
عليكم عباد الله بالتقوى ، فالتقوى جماع الدين ، ونظامٌ احتوى دينَ جميع المرسلين ، قال تعالى : ( ولقد وصّينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتقوا الله ) ،


وأعلموا أنّ من حقق التقوى بعد رمضان ، فإلتزم شرائع الإيمان ، فقد تحلّى بحليته ، ورُزق خيـرُه ببركته ، ومن عاد إلى التفريط ، فهو الذي عن فضائله حرم ، عائذين بالله تعالى من مصيبة الديـن .


حافظوا على الصلوات ، لاسيما الفجر ، والعصر ، واتقوا الله في نساءكم ، وأولادكم وأقربائكم ، فأقيموهم على الطاعه ، وعوِّدوهم على حفظ القرآن ، وسماعه ، وعلِّموهم ديانة أهل السنة والجماعه ،
 
وغضـُّوا أبصاركم ، واحفظوا فروجكـم ، وطهروا أجسادكم بإلتزام الإسلام ، وطهروا أموالكم عن ترك الزكاة ، والكسب الحرام .
 
أيها المسلمون : إنَّ للعيد بهجة ، فابتهجوا في غير مساخط الله ، وفيه فرحة فافرحوا في غير كفران لنعمة الله ،
 
وإنما بعثنا رحمةً للناس ، وبهجـةً للدنيا ، ولنمـلأ الحياة بالخـير :
 
خرج الإمام أحمـد مـن حديث  أبي ذر رضي الله عنـه قال صلى الله عليه وسلم : ( على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه . قلت : يا رسول الله ! من أين نصدق وليس لنا أموال ؟ قال : لأن من أبواب الصدقة التكبير ، وسبحان الله ،  والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، وأستغفر الله،  وتأمر بالمعروف ،وتنهى عن المنكر ، وتعزل الشوكة عن طريق الناس ، والعظمة ، والحجر ، وتهدي الأعمى ، وتسمع الأصم ، والأبكم حتى يفقه ، وتدلّ المستدلّ على حاجة له قد علمت مكانها ، وتسعى بشدّة ساقيك إلى اللهفان المستغيث ، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف ؛ كلّ ذلك من أبواب الصدقة ، منك على نفسك ، ولك في جماعك زوجتك أجر ،  قال أبو ذر : كيف يكون لي أجر في شهوتي ؟ فقال : أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ، ورجوت خيره فمات ؛ أكنت تحتسبه ؟ قلت : نعم . قال : فأنت خلقته ؟ قال : بل الله خلقه . قال : فأنت هديته ؟ قال : بل الله هداه ،  قال فأنت ترزقه ؟ قال : بل الله كان يرزقه ،  قال : كذلك فضعه في حلاله ، وجنبه حرامه ، فإن شاء الله أحياه ، وإن شاء أماته ، ولك أجر)
 
كما بُعثنا للشـرّ مباعدين ، وعنه ناهين :
 
وإنّ أعظم الشـرّ ، الظلم العظيم ، الشرك بالله تعالى ، وذلك الذي يدعو مع الله إلها آخر ، فلا يستقيم التوحيد الذي هو العروة الوثقى إلاّ بالكفر بالطواغيت ، والآلهـة ، والأرباب ، والأنداد ، فلا يُعبـد شيءٌ منـها ، ولا يُتَّخذ حكمـا ، ولا وربّا مع الله تعالى.
 
 ثم إنّ أكبر الكبائر بعد الشرك قتل النفس ، بغير حقّ ، ثم الزنا ، عافانا الله ، وإياكـم ، وكلّ مسلم ،
 
قال تعالى : (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ،  ولا يقتلون النّفس التي حرّم الله إلاّ بالحق ، ولا يزنون ، ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما) .
 
وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا يا رسول الله : وما هنّ ، قال الإشراك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلاّ بالحق ، وأكل الربا،  وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) متفق عليه
 
وخرج ابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهمـا ، قال صلّى الله عليه وسلم : ( خمس إذا ابتليتم بهنّ ،  وأعوذ بالله أن تدركوهنّ ،  لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلاّ فشا فيهم الطاعون ، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلاّ أُخـذوا بالسنين ، وشدة المئونة ، وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلاّ منعوا القطر من السماء ،  ولولا البهائم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله ،  إلاّ سلط الله عليهم عدوَّا من غيرهم ، فأخذوا بعض ما في أيديهم ، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلاّ جعـل الله بأسهم بينهم ).
 
وبعـد :
 
فقد أوصى الصالحون بهذه الوصايا العظيـمة  : بتقوى الله تعالى فإنه رأس الأمر كلِّه  ، و بتلاوة القرآن ، و بذكر الله تعالى فإنه ذكر للعبد في السماء ، و نورٌ له في الأرض ،  والصمت إلاّ في خير فإنه الحكمة ، و نعم العون على أمر الدين ،
 
 وقد ورد في الآثـار :  إيّاك وكثرة الضحك فإنـّه يميت القلب ، و يذهب بنور الوجه ، وقالوا : عليكم بالجهاد فإنـّه رهبانيّة أمـّة الإسلام ،  وأحبوا المساكين ، وجالسوهم ، وانظروا إلى من تحتكم ،  و لا تنظروا إلى من فوقكم ،  فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عندكم ،  صلوا قرابتكم ، و إن قطعوكم ،  وقولوا الحق ،  و إن كان مـرّا ،  لا تخافوا في الله لومة لائم .
 
وقال السلف الحكمـاء : ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك ، و لا تجد عليهم فيما تأتي ، و كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال : أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه ،  و يستحي لهم مما هو فيه ، و يؤذي جليسه.
 
الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد
 
أيها المسلمون : هذا اليوم قبل صلاة العيد تُخـرج زكاة الفطر تقرُّباً إلى الله ،  وأداءً لفريضته ، وطُعمـة لإخوانكـم الفقراء ، والمساكين ، وطهرة للصائم من اللّغو ، والرفث ،
 
صاعا من قوت البلد ، عن كلِّ صغير ، وكبير ، وذكر ، وأنثى ، من المسلمين ، ولاتجب على الجنـين في البطن ، ولا حرج إن أخرجها عنه ، وقـد أُمـرنا أن نؤديها قبل خروج الناس إلى الصلاة ، ولاحرج أن تُقـدَّم عـلى ذلك بليلة ، أو ليلتين ، فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ، ويجب أن يؤديـها تاركهـا ، حتى لو تعمد تأخيـرها إلى بعد صلاة العيد ، أو تكاسـل ، ويأثـم بتعمِّده ، وأما من نسى أن يؤديها قبل صلاة العيد ، فيؤديها ، ولو بعد الصلاة ، ولايأثم ، فقد رفع القلم عن المخطىء ، والناسي ، والمكره
 
وقـد صحّ في الحديث استحباب صيام ست مـن شوال ، وأنّ من صام رمضان وأتبعه ستَّا من شوال ، فكأنـّه صام السنة كلَّها ، رواه مسلم 
 
اللهمّ  إنا أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، و موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وشكر نعمتك، وحسن عبادتك، وقلوبــا سليمة ، وألسنة صادقة ، ونسألك من خير ما تعلم ، ونعوذ بك من شرّ ما تعلم ، ونستغفرك لما تعلم ؛ إنّك أنت علاّم الغيوب.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا و بين معاصيك، و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك، و من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متّعنـا بأسماعنا، و أبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا ، و اجعله الوارث منا، و اجعل ثأرنا على من ظلمنا ، و انصرنا على من عادانا، و لا تجعل مصيبتنا فى ديننا، و لا تجعل الدنيا أكبر همّنـا، و لا مبلغ علمنا، و لا تسلّط علينا من لا يرحمنـا .
 
اللهم أنصـر شعـوب أمّتنا في ثوراتها على الطغـاة ، وأعقـب ذلك بخيـر ما تحبُّ لها من العـزّة ، والتمكـين ، والرجوع للدين ، والتمسُّك بشريعتك يا رب العالمـين.

اللهم انصر أمتنا ، وردّها إلى دينها ، ووحّدها أمة واحدة ، خلافتهــا فيمن خافك ، واتقاك ، وطلب رضاك .
 
اللهم حرّر الشام من نظام الطاغية بشـار وحزبـه الخبيث ، اللهمّ أحصهم عدداً ، واقـتلهم بدداً ، ولاتذر منهـم أحـداً.
 
 
اللهم حرّر سائر بـلاد المسلمين من حكم الطواغيت المجرميـن
 
اللهم حـرِّر أسرانا في فلسطين ، والعراق ، وأفغانستـان ، وغوانتنامو ، وفي كلّ البلاد ياربّ العالمين.

اللهم انصر المجاهدين في فلسطين ، والعراق ، وأفغانستان ، والصومال ، وكشمير ، والفلبين ، و الشيشان ،  وفي كلِّ مكان .
 
اللّهمّ كن لهـم ، ولاتكن عليهـم ، وانصرهم ، ولا تنصر عليهم ، وانصرهم على من بغى عليهم ، اللهم خذ عنهم العيون ، واملأ قلوبهم رضا بك ،  وبدينك ونبيّك ، واشرح صدورهم للجهاد ، وثبت أقدامهم ، اللّهم كن لهم عونـا ، ونصيرا ، واجمع كلمتهم ، وألّف قلوبهم ، وسدّد رميهم ، واجعل عاقبة جهادهم خيـراً ، ورشداً ، اللهم اجعلنا من جنودك ، وارزقنا الشهادة في سبيلك ، واختم لنا بها حياة الصالحين ، اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ، واجعلنا للمتقين إماما ، اللهـم آتنا في الدنيا حسنة ،  وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، اللهم صلّ ،  وسلّم على نبيِّنا محمّد ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين ،  اللهم توفَّنـا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين ، آمين.
تنبيه : تسجل هذه الخطب وتبث عبر الإنترنت فحسب
 

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 26/08/2011